1-2 المخاطر الناتجة عن الأعمال الإجرامية
إن أحد أكبر المجالات التي تنطوي على مخاطر العمليات والتي تهدد البنوك العاملة في المملكة العربية السعودية هي تلك المتعلقة بالأعمال الإجرامية، ففي مسح شامل أجراه البنك المركزي وجد أن معظم الإلتزامات التي تكبدتها البنوك السعودية وشركات التأمين كانت نتيجة الخسائر المالية الناجمة عن عمليات اختلاس واحتيال قام بها إما موظفي البنوك أو أطراف ثالثة، وتمثل هذه الحالات نسبة 100% من كافة الخسائر العمليات المستحقة بالتغطية المالية الحالية.
1-1-2 الإختلاس - الإحتيال المالي
وفي عام1993م قام أحد مكاتب المحاسبة بإجراء مسح عن حالات الإختلاس شمل 6 دول مختلفة هي : الولايات المتحدة الأمريكية — كندا — استراليا — أيرلندا — برمودا، وقد نتج عن هذا المسح أن حوالي 80% في المتوسط من حالات الإختلاس التي تحدث في أي بنك قام بها موظفيه و 60% قام بها موظفين غير إداريين و 20% من المديرين . وفي كافة الدول التي شملها المسح ظهر أن الإختلاسات النقدية تعتبر من أكثر أشكال الإختلاس شيوعاً بين الموظفين وهو الأمر الذي يحدث حالياً في معظم بنوك المملكة العربية السعودية حيث أن معظم الخسائر التي تتعرض لها تلك البنوك كانت نتيجة حالات الإختلاس من الأموال المودعة بالبنك أو الشيكات السياحية من الفروع وأجهزة الصرف الآلي، وعلى شكل يتوافق مع الاتجاهات الدولية السائدة، يمثل الإحتيال المالي في الوقت الحاضر السبب الأكبر لخسارة العمليات داخل النظام المصرفي في المملكة العربية السعودية. فخلال الخمس سنوات الماضية وجد أن نسبة 85% تقريباً من إجمالي خسائر العمليات التي تكبدتها البنوك العاملة في المملكة انطوت على عدم أمانة الموظفين.
إن استعادة تلك الخسائر الناتجة عن عمليات الإختلاس من الأمور الصعبة والمعقدة للغاية كما أنها مستحيلة في بعض الأحيان وهو ما يبرز حقيقة أن تصميم برامج للكشف عن حالات الإختلاس ومنعها أمراً أكثر فاعلية وأقل تكلفة من المحاولات التي تبذل لاستعادة المبالغ المختلسة.
2-1-2 التزوير
في خلال الأعوام من 1988 - 1993م اعتبرت جرائم التزوير بالمملكة العربية السعودية ثاني أكبر العوامل التي تؤدي إلى ظهور خسائر في العمليات وتمثل حوالي 12% من إجمالي الخسائر المبلغ عنها، وهذا ما أثبته البحث الذي تم إجراءه حيث أظهر أن خسائر العمليات التي تنتج عن عمليات التزوير تمثل نسبة تتراوح ما بين 10% إلى 18% في الدول الذي شملها المسح.
أما في داخل المملكة العربية السعودية فإن معظم جرائم التزوير تظهر إما في صورة تزوير الشيكات المصرفية أو تزوير الأوراق المالية القابلة للتداول مثل خطابات الاعتماد. ويرجع هذا إلى عدم قدرة الموظفين العاملين بالبنك على الكشف والتأكد بصورة كافية من صحة المستندات المقدمة إليهم من العملاء قبل البدء في اتخاذ أي إجراء.
وفي مجال أنظمة صرف النقدية، تسعى المملكة العربية السعودية بخطى سريعة نحو التحول إلى الأنظمة الآلية في مجال تداول النقدية وذلك لتقليل استخدام الشيكات الورقية، وسوف تعمل هذه الإجراءات على المدى الطويل على خفض جرائم التزوير التي تشهدها المملكة حالياً إلاّ أنه مع الوسائل التكنولوجية الحديثة في مجال إصدار العملة واستخدام الحاسبات الآلية فقد تهيأت الفرص للكثير من المزورين إلى الإبتكار المستمر في طرق وأساليب التزوير والتي لا يمكن الكشف عنها إلاّ بالوسائل والتقنيات العالية والمتطورة.
لذلك ففي الوقت الذي يتحمل فيه إنخفاض عدد حالات التزوير البسيطة للمستندات مستقبلاً ، فإنه من المتوقع زيادة كبيرة وواضحة في القيمة المالية ومدى التقدم التقني المستخدم فيها.
نظراً لتزايد استخدام تقنية مطابقة التواقيع إلكترونياً في العديد من العمليات، والحوالات البنكية… إلخ ، يجب أن تشمل سياسات وإجراءات المخاطر البنكية على أساليب إلكترونية لكشف التزييف والتزوير . وستزداد أهمية هذا الأمر بالتطورات المتزايدة في مجالات تكنولوجيا نظم بطاقات الدفع والتسديد آلياً.
3-1-2 تزييف العملات
على الرغم من أن جرائم تزييف العملات لا تعتبر حالياً من العوامل الرئيسية وراء حدوث خسائر العمليات في المملكة العربية السعودية إلاّ أن هناك اتجاهين رئيسيين يجب أخذهما في الإعتبار :
الوسائل التكنولوجية : كما هو الحال بالنسبة لجرائم التزوير فإن الطفرة التكولوجية التي تشهدها معظم دول العالم حالياً تعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة حالات تزييف وتزوير العملات، فقد حدثت مؤخراً إحدى جرائم التزييف لتزييف واحدة من أكثر العملات استخداماً دولياً استخدمت فيها وسائل طبع ملونة مما دعي البنك المركزي في هذه الدولة إلى إعادة تصميم هذه العملة بحيث يصعب تزييفها فيما بعد، لكن بالرغم من التطورات الجارية في تصميم وتصنيع العملات ، فمن المتوقع أن تواصل الزيادة في نشاطات التزييف. وبناء عليه يجب أن تظل البنوك منتبهة لما يجري في تلك المجالات.
دعم بعض الدول لمكافحة حالات التزييف : يعتبر هذا من الأمور ذات الأهمية الكبيرة خاصة بالنسبة للدولار الأمريكي حيث قامت الحكومة الأمريكية بتقدير حجم هذه العملة بنحو 1 بليون دولار أمريكي فئة 20 ، 50 ، 100 دولار مزيفة يتم تداولها خارج الولايات المتحدة، ولا يمكن لأي خبير في هذا المجال اكتشاف ذلك.
4-1-2 السرقة والسطو
على الرغم من كون المملكة العربية السعودية تستخدم نسبة عالية من النقد، فلا تمثل جرائم السطو والسرقة في الوقت الحالي عاملاً هاماً ومصدراً لحدوث مخاطر في العميات وذلك لما تتخذه الحكومة من إجراءات صارمة لمواجهة مثل هذه الجرائم والحد منها وتشديد العقوبات عليها، هذا بالإضافة إلى ما تتمتع به المملكة من حضارة وثقافة عريقة، كما نجد أنه من أهم العوامل التي ساعدت على تقليل جرائم السطو والسرقة هي أن المملكة لا تعاني من جرائم مثل تعاطي المخدرات والمتاجرة فيها على عكس كثير من الدول الأخرى التي نجد فيها أن حوادث السطو والسرقة على معظم فروع بنوكها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمشاكل المخدرات.
ولذلك فمع استقرار المملكة الدائم على المستوى الاجتماعي والسياسي فإن ذلك سيكون عائقاً يحول دون ظهور جرائم السطو والسرقة والتي قد تؤدي إلى تعريض البنوك السعودية لمخاطر التشغيل، وإدراكاً لما يجري في تك المجالات قام البنك المركزي بإصدار أنظمة دقيقة في عام 1995م بعنوان ( الحد الأدنى لمعايير السلامة الأمنية ).
5-1-2 الجرائم الإلكترونية
لا تختلف الجرائم الإلكترونية في طريقة تنفيذها عن غيرها من الجرائم الأخرى ، إلا أنها تعتبر من أكثر الجرائم شيوعاً وتطوراً لدى البنوك داخل المملكة العربية السعودية وخارجها على حد سواء في الوقت الحالي، وإدراكاً لما يجري في تلك المجالات قام البنك المركزي بإصدار أنظمة دقيقة في عام 1995م بعنوان ( الحد الأدنى لمعايير السلامة الأمنية ).
وهي تتمثل وتظهر بصورة كبيرة في عدد من مجالات رئيسية :
أجهزة الصرف الآلي : في الوقت التي تشهد فيه معظم الدول طفرة تكنولوجية عالية في مجال التعامل النقدي نجد تمسك المملكة العربية السعودية بالطابع الشرقي التقليدي في هذا المجال من حيث زيادة التعامل بالأوراق النقدية، مما يؤدي إلى زيادة خسائر ومخاطر العمليات، ونظراً لعمليات السحب والإيداع الكثيرة في البنوك السعودية نجد أن وجود مبالغ نقدية كبيرة داخل آلات الإيداع والصرف على غير المعتاد في أي دولة متقدمة أخرى — قد يجعلها هدفاً ومحل إغراء لموظفي البنك أو الأطراف الأخرى للقيام بجرائم الإختلاس والسرقة.
وقد أضافت معظم البنوك السعودية وظائف أخرى لأجهزة الصرف الآلي، حيث أدخلت بها العملات الأجنبية – شيكات المسافرين – وتذاكر الطيران وقامت بربطها مع غيرها من الدول الأخرى عن طريق شبكة اتصالات مثل " سيرس " وهذا قد يؤدي إلى زيادة حالات الاختلاس والسرقة بالبنوك السعودية في الداخل والخارج بصورة كبيرة.
بطاقات الإئتمان : اعتماداً على التجارب السابقة داخل المملكة العربية السعودية وخارجها وجدنا أن بطاقات الإئتمان من أهم وأكبر العوامل التي تؤدي إلى ظهور مخاطر العمليات والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين من المخاطر :
علميات الإختلاس الداخلي : وكغيرها من أنواع الإختلاس والإحتيال الأخرى نجد أن تواطؤ موظفي البنك في جرائم سوء استخدام والإختلاس من بطاقات الإئتمان سواء كانوا بمفردهم أو بالتعاون مع أفراد خارج البنك يعتبر من أكثر الجرائم شيوعا وأكبرها تكلفة.
حيث نجد أن جميع الراغبين في استخراج وإصدار بطاقات الإئتمان من البنوك معرضين لمخاطر وجود اختلاسات من هذه المبالغ من داخل البنك وذلك في كل إجراء من الإجراءات التي تتخذ لإصدار بطاقات الإئتمان بداية من تقديم الطلبات لإصدار البطاقة ثم الموافقة عليها وفتح الحساب وإصدار البطاقة وتوزيع كشوف الحساب.
عمليات الإختلاس الخارجية : على الرغم من كونها أقل شيوعاً من تلك التي تتم داخلياً ، إّلا أننا نجد ظهورها بخطى سريعة نتيجة اتساع نطاق ومجال تهريب بطاقات الإئتمان المسروقة وإمكانية الحصول على بطاقات سليمة على الرغم من وجود مخالفات في عملية إصدارها.
نقاط البيع : نتيجة لانتشار مراكز البيع وتنفيذ العمليات داخل المملكة العربية السعودية فقد رأينا ازدياد عمليات الاحتيال التجاري ومستوى تطورها التقني والقيمة النقدية، ويتنوع القائمين بمثل هذا النوع من الجرائم ما بين العاملين لدى التجار حيث يقوموا ببعض عمليات الغش التجاري بالتواطؤ مع أطراف أخرى أو قد يكون مع التاجر نفسه. لذلك فإن اتخاذ إجراءات لمنع مثل هذا النوع من الأنشطة الإجرامية والكشف عنها من قبل البنوك السعودية سوف يزداد تكلفة وتعقيداً يوماً بعد يوم.
الخدمات التجارية : تعتبر عمليات الدفع الآلية والخدمات المالية التي تقدمها البنوك لعملائها مصدراً أساسياً للدخل وتقليص التكاليف، خاصة مع اتساع حجمها حيث أنها لا تشكل أي نوع من أنواع المخاطر الإئتمانية ومع هذا نجد إمكانية تكبد البنوك تكاليف باهظة وتعرضها لمخاطر جسيمة من جراء إدخال مثل هذه الأنظمة الآلية والخدمات التجارية.خدمات الإدارة المالية : تنطوي الخدمات التي تقدمها إدارة الخدمات المالية على مخاطر كبيرة عن عملياتها سواء نتيجة اختراق أو استغلال العملاء أو قيام العاملين بالبنك بعمليات اختلاس لهذه المبالغ، هذا في الوقت الذي يعتبر فيه وجود مثل هذه الإدارة إحدى الوسائل لخدمة العملاء وخفض التكلفة وزيادة الدخل. ونظراً لطبيعة مثل هذه الخدمات فإنها تفسح المجال لتنفيذ معاملات مع البنك مع اتخاذ بعض الإجراءات الأمنية لحماية الأموال مثل ضرورة وجود المستندات الرسمية المؤكدة لهذه الخدمات والمراقبة المستمرة لكلمات السر للحاسبات الآلية والتحقق من شخصية المستخدمين لها. وبالرغم من صرامة هذه الإجراءات الأمنية إلاّ أنها ليست كافية، لذلك فمع ارتفاع القيمة النقدية لهذه المعاملات نجد أن هناك احتمالات أكبر أن تنطوي على مخاطر طويلة الأجل ممثلة في صورة خسائر مالية أو فقد ثقة العملاء في البنك.
تبادل البيانات آلياً : تسعى كثيراً من البنوك والمنشآت إلى التحول نحو استخدام وسائل اتصالات آلية تحل محل المستندات المالية والتجارية الورقية (مثل الفواتير – إيصالات الاستلام – وفواتير الشحن وإيصالات الخزينة وغيرها)، ومع هذا التحول فلم تعد تطبق إجراءات الرقابة التقليدية بل تم تصميم لتبادل البيانات والمعلومات آلياً أشد صرامة من الإجراءات التقليدية المتمثلة في التأكد من صحة المستندات ومراقبة عملية الوصول إلى هذه البيانات.
وقد جاء هذا بفرض أنه طالما أن مثل هذه المعاملات ليست نقدية لذلك فلن تنطوي على مخاطر كبيرة وهو الأمر الصحيح من الناحية الفنية إلاّ أننا لا نستطيع أن نغفل أن نتاج مثل هذه المعاملات في نهاية الأمر هي مدفوعات " نقدية " ولذلك فإن هذه الأنظمة الحديثة سوف تنطوي أيضاً على مخاطر متعاقبة سواء من أطراف ثالثة أو الموظفين سواء كانوا لدى العميل أو المستفيد من الخدمة أو المنتج المقدم لها.
6-1-2 عمليات التجزئة الآلية
تتجه معظم البنوك التجارية حالياً إلى توسيع نطاق خدماتها حيث بدأت في إختراق خدمات الأفراد وإضافة خدمات جديدة إليها مثل دفع فواتير التليفونات والمعاملات المصرفية من المنازل واستخدام أحدث أنواع التليفونات التي تجمع بين أنواع التليفونات التقليدية والحاسبات الآلية وهذا ما رفع من مستوى الخدمات التي تقدمها لعملائها كما أنها اعتبرت مصدراً رئيسياً لزيادة الإيرادات.
ومع هذا كله فقد ساهمت مثل هذه الخدمات الإلكترونية والآلية الجديدة في تعرض البنوك إلى مخاطر عمليات أخرى سواء من جانب أطراف ثالثة أو الموظفين العاملين بها كما أنها أصبحت عرضة إلى أن تفقد التزامها المسئولية القانونية المهنية ومصداقيتها نحو عملائها. ومستقبلاً سيصبح هذا الأمر بالنسبة للبنوك مجالاً للتعرض للمخاطر الكبيرة المتزايدة والاستخدام المتزايد للخدمات الهاتفية التي تسمح بالوصول كمبيوترياً إلى نظم البنوك مما يتيح أيضاً فرصاً متزايدة لحدوث عمليات الاحتيال. ويتطلب هذا إحداث تحسينات في الإجراءات الأمنية وإدخال وسائل إضافية لإدارة المخاطر بغرض تقيل الخسائر إلى أقصى حد ممكن.