Skip to main content
  • ثانياً : عناصر مخاطر التشغيل

    • 1-2 المخاطر الناتجة عن الأعمال الإجرامية

      إن أحد أكبر المجالات التي تنطوي على مخاطر العمليات والتي تهدد البنوك العاملة في المملكة العربية السعودية هي تلك المتعلقة بالأعمال الإجرامية، ففي مسح شامل أجراه البنك المركزي وجد أن معظم الإلتزامات التي تكبدتها البنوك السعودية وشركات التأمين كانت نتيجة الخسائر المالية الناجمة عن عمليات اختلاس واحتيال قام بها إما موظفي البنوك أو أطراف ثالثة، وتمثل هذه الحالات نسبة 100% من كافة الخسائر العمليات المستحقة بالتغطية المالية الحالية.

      • 1-1-2 الإختلاس - الإحتيال المالي

        وفي عام1993م قام أحد مكاتب المحاسبة بإجراء مسح عن حالات الإختلاس شمل 6 دول مختلفة هي : الولايات المتحدة الأمريكية — كندا — استراليا — أيرلندا — برمودا، وقد نتج عن هذا المسح أن حوالي 80% في المتوسط من حالات الإختلاس التي تحدث في أي بنك قام بها موظفيه و 60% قام بها موظفين غير إداريين و 20% من المديرين . وفي كافة الدول التي شملها المسح ظهر أن الإختلاسات النقدية تعتبر من أكثر أشكال الإختلاس شيوعاً بين الموظفين وهو الأمر الذي يحدث حالياً في معظم بنوك المملكة العربية السعودية حيث أن معظم الخسائر التي تتعرض لها تلك البنوك كانت نتيجة حالات الإختلاس من الأموال المودعة بالبنك أو الشيكات السياحية من الفروع وأجهزة الصرف الآلي، وعلى شكل يتوافق مع الاتجاهات الدولية السائدة، يمثل الإحتيال المالي في الوقت الحاضر السبب الأكبر لخسارة العمليات داخل النظام المصرفي في المملكة العربية السعودية. فخلال الخمس سنوات الماضية وجد أن نسبة 85% تقريباً من إجمالي خسائر العمليات التي تكبدتها البنوك العاملة في المملكة انطوت على عدم أمانة الموظفين.

        إن استعادة تلك الخسائر الناتجة عن عمليات الإختلاس من الأمور الصعبة والمعقدة للغاية كما أنها مستحيلة في بعض الأحيان وهو ما يبرز حقيقة أن تصميم برامج للكشف عن حالات الإختلاس ومنعها أمراً أكثر فاعلية وأقل تكلفة من المحاولات التي تبذل لاستعادة المبالغ المختلسة.

      • 2-1-2 التزوير

        في خلال الأعوام من 1988 - 1993م اعتبرت جرائم التزوير بالمملكة العربية السعودية ثاني أكبر العوامل التي تؤدي إلى ظهور خسائر في العمليات وتمثل حوالي 12% من إجمالي الخسائر المبلغ عنها، وهذا ما أثبته البحث الذي تم إجراءه حيث أظهر أن خسائر العمليات التي تنتج عن عمليات التزوير تمثل نسبة تتراوح ما بين 10% إلى 18% في الدول الذي شملها المسح.

        أما في داخل المملكة العربية السعودية فإن معظم جرائم التزوير تظهر إما في صورة تزوير الشيكات المصرفية أو تزوير الأوراق المالية القابلة للتداول مثل خطابات الاعتماد. ويرجع هذا إلى عدم قدرة الموظفين العاملين بالبنك على الكشف والتأكد بصورة كافية من صحة المستندات المقدمة إليهم من العملاء قبل البدء في اتخاذ أي إجراء.

        وفي مجال أنظمة صرف النقدية، تسعى المملكة العربية السعودية بخطى سريعة نحو التحول إلى الأنظمة الآلية في مجال تداول النقدية وذلك لتقليل استخدام الشيكات الورقية، وسوف تعمل هذه الإجراءات على المدى الطويل على خفض جرائم التزوير التي تشهدها المملكة حالياً إلاّ أنه مع الوسائل التكنولوجية الحديثة في مجال إصدار العملة واستخدام الحاسبات الآلية فقد تهيأت الفرص للكثير من المزورين إلى الإبتكار المستمر في طرق وأساليب التزوير والتي لا يمكن الكشف عنها إلاّ بالوسائل والتقنيات العالية والمتطورة.

        لذلك ففي الوقت الذي يتحمل فيه إنخفاض عدد حالات التزوير البسيطة للمستندات مستقبلاً ، فإنه من المتوقع زيادة كبيرة وواضحة في القيمة المالية ومدى التقدم التقني المستخدم فيها.

        نظراً لتزايد استخدام تقنية مطابقة التواقيع إلكترونياً في العديد من العمليات، والحوالات البنكية… إلخ ، يجب أن تشمل سياسات وإجراءات المخاطر البنكية على أساليب إلكترونية لكشف التزييف والتزوير . وستزداد أهمية هذا الأمر بالتطورات المتزايدة في مجالات تكنولوجيا نظم بطاقات الدفع والتسديد آلياً.

      • 3-1-2 تزييف العملات

        على الرغم من أن جرائم تزييف العملات لا تعتبر حالياً من العوامل الرئيسية وراء حدوث خسائر العمليات في المملكة العربية السعودية إلاّ أن هناك اتجاهين رئيسيين يجب أخذهما في الإعتبار :

        الوسائل التكنولوجية : كما هو الحال بالنسبة لجرائم التزوير فإن الطفرة التكولوجية التي تشهدها معظم دول العالم حالياً تعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة حالات تزييف وتزوير العملات، فقد حدثت مؤخراً إحدى جرائم التزييف لتزييف واحدة من أكثر العملات استخداماً دولياً استخدمت فيها وسائل طبع ملونة مما دعي البنك المركزي في هذه الدولة إلى إعادة تصميم هذه العملة بحيث يصعب تزييفها فيما بعد، لكن بالرغم من التطورات الجارية في تصميم وتصنيع العملات ، فمن المتوقع أن تواصل الزيادة في نشاطات التزييف. وبناء عليه يجب أن تظل البنوك منتبهة لما يجري في تلك المجالات.

        دعم بعض الدول لمكافحة حالات التزييف : يعتبر هذا من الأمور ذات الأهمية الكبيرة خاصة بالنسبة للدولار الأمريكي حيث قامت الحكومة الأمريكية بتقدير حجم هذه العملة بنحو 1 بليون دولار أمريكي فئة 20 ، 50 ، 100 دولار مزيفة يتم تداولها خارج الولايات المتحدة، ولا يمكن لأي خبير في هذا المجال اكتشاف ذلك.

      • 4-1-2 السرقة والسطو

        على الرغم من كون المملكة العربية السعودية تستخدم نسبة عالية من النقد، فلا تمثل جرائم السطو والسرقة في الوقت الحالي عاملاً هاماً ومصدراً لحدوث مخاطر في العميات وذلك لما تتخذه الحكومة من إجراءات صارمة لمواجهة مثل هذه الجرائم والحد منها وتشديد العقوبات عليها، هذا بالإضافة إلى ما تتمتع به المملكة من حضارة وثقافة عريقة، كما نجد أنه من أهم العوامل التي ساعدت على تقليل جرائم السطو والسرقة هي أن المملكة لا تعاني من جرائم مثل تعاطي المخدرات والمتاجرة فيها على عكس كثير من الدول الأخرى التي نجد فيها أن حوادث السطو والسرقة على معظم فروع بنوكها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمشاكل المخدرات.

        ولذلك فمع استقرار المملكة الدائم على المستوى الاجتماعي والسياسي فإن ذلك سيكون عائقاً يحول دون ظهور جرائم السطو والسرقة والتي قد تؤدي إلى تعريض البنوك السعودية لمخاطر التشغيل، وإدراكاً لما يجري في تك المجالات قام البنك المركزي بإصدار أنظمة دقيقة في عام 1995م بعنوان ( الحد الأدنى لمعايير السلامة الأمنية ).

      • 5-1-2 الجرائم الإلكترونية

        لا تختلف الجرائم الإلكترونية في طريقة تنفيذها عن غيرها من الجرائم الأخرى ، إلا أنها تعتبر من أكثر الجرائم شيوعاً وتطوراً لدى البنوك داخل المملكة العربية السعودية وخارجها على حد سواء في الوقت الحالي، وإدراكاً لما يجري في تلك المجالات قام البنك المركزي بإصدار أنظمة دقيقة في عام 1995م بعنوان ( الحد الأدنى لمعايير السلامة الأمنية ).

        وهي تتمثل وتظهر بصورة كبيرة في عدد من مجالات رئيسية :

        أجهزة الصرف الآلي : في الوقت التي تشهد فيه معظم الدول طفرة تكنولوجية عالية في مجال التعامل النقدي نجد تمسك المملكة العربية السعودية بالطابع الشرقي التقليدي في هذا المجال من حيث زيادة التعامل بالأوراق النقدية، مما يؤدي إلى زيادة خسائر ومخاطر العمليات، ونظراً لعمليات السحب والإيداع الكثيرة في البنوك السعودية نجد أن وجود مبالغ نقدية كبيرة داخل آلات الإيداع والصرف على غير المعتاد في أي دولة متقدمة أخرى — قد يجعلها هدفاً ومحل إغراء لموظفي البنك أو الأطراف الأخرى للقيام بجرائم الإختلاس والسرقة.

        وقد أضافت معظم البنوك السعودية وظائف أخرى لأجهزة الصرف الآلي، حيث أدخلت بها العملات الأجنبية – شيكات المسافرين – وتذاكر الطيران وقامت بربطها مع غيرها من الدول الأخرى عن طريق شبكة اتصالات مثل " سيرس " وهذا قد يؤدي إلى زيادة حالات الاختلاس والسرقة بالبنوك السعودية في الداخل والخارج بصورة كبيرة.

        بطاقات الإئتمان : اعتماداً على التجارب السابقة داخل المملكة العربية السعودية وخارجها وجدنا أن بطاقات الإئتمان من أهم وأكبر العوامل التي تؤدي إلى ظهور مخاطر العمليات والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين من المخاطر :
        علميات الإختلاس الداخلي : وكغيرها من أنواع الإختلاس والإحتيال الأخرى نجد أن تواطؤ موظفي البنك في جرائم سوء استخدام والإختلاس من بطاقات الإئتمان سواء كانوا بمفردهم أو بالتعاون مع أفراد خارج البنك يعتبر من أكثر الجرائم شيوعا وأكبرها تكلفة.
        حيث نجد أن جميع الراغبين في استخراج وإصدار بطاقات الإئتمان من البنوك معرضين لمخاطر وجود اختلاسات من هذه المبالغ من داخل البنك وذلك في كل إجراء من الإجراءات التي تتخذ لإصدار بطاقات الإئتمان بداية من تقديم الطلبات لإصدار البطاقة ثم الموافقة عليها وفتح الحساب وإصدار البطاقة وتوزيع كشوف الحساب.
        عمليات الإختلاس الخارجية : على الرغم من كونها أقل شيوعاً من تلك التي تتم داخلياً ، إّلا أننا نجد ظهورها بخطى سريعة نتيجة اتساع نطاق ومجال تهريب بطاقات الإئتمان المسروقة وإمكانية الحصول على بطاقات سليمة على الرغم من وجود مخالفات في عملية إصدارها.
        نقاط البيع : نتيجة لانتشار مراكز البيع وتنفيذ العمليات داخل المملكة العربية السعودية فقد رأينا ازدياد عمليات الاحتيال التجاري ومستوى تطورها التقني والقيمة النقدية، ويتنوع القائمين بمثل هذا النوع من الجرائم ما بين العاملين لدى التجار حيث يقوموا ببعض عمليات الغش التجاري بالتواطؤ مع أطراف أخرى أو قد يكون مع التاجر نفسه. لذلك فإن اتخاذ إجراءات لمنع مثل هذا النوع من الأنشطة الإجرامية والكشف عنها من قبل البنوك السعودية سوف يزداد تكلفة وتعقيداً يوماً بعد يوم.
        الخدمات التجارية : تعتبر عمليات الدفع الآلية والخدمات المالية التي تقدمها البنوك لعملائها مصدراً أساسياً للدخل وتقليص التكاليف، خاصة مع اتساع حجمها حيث أنها لا تشكل أي نوع من أنواع المخاطر الإئتمانية ومع هذا نجد إمكانية تكبد البنوك تكاليف باهظة وتعرضها لمخاطر جسيمة من جراء إدخال مثل هذه الأنظمة الآلية والخدمات التجارية.

        خدمات الإدارة المالية : تنطوي الخدمات التي تقدمها إدارة الخدمات المالية على مخاطر كبيرة عن عملياتها سواء نتيجة اختراق أو استغلال العملاء أو قيام العاملين بالبنك بعمليات اختلاس لهذه المبالغ، هذا في الوقت الذي يعتبر فيه وجود مثل هذه الإدارة إحدى الوسائل لخدمة العملاء وخفض التكلفة وزيادة الدخل. ونظراً لطبيعة مثل هذه الخدمات فإنها تفسح المجال لتنفيذ معاملات مع البنك مع اتخاذ بعض الإجراءات الأمنية لحماية الأموال مثل ضرورة وجود المستندات الرسمية المؤكدة لهذه الخدمات والمراقبة المستمرة لكلمات السر للحاسبات الآلية والتحقق من شخصية المستخدمين لها. وبالرغم من صرامة هذه الإجراءات الأمنية إلاّ أنها ليست كافية، لذلك فمع ارتفاع القيمة النقدية لهذه المعاملات نجد أن هناك احتمالات أكبر أن تنطوي على مخاطر طويلة الأجل ممثلة في صورة خسائر مالية أو فقد ثقة العملاء في البنك.

        تبادل البيانات آلياً : تسعى كثيراً من البنوك والمنشآت إلى التحول نحو استخدام وسائل اتصالات آلية تحل محل المستندات المالية والتجارية الورقية (مثل الفواتير – إيصالات الاستلام – وفواتير الشحن وإيصالات الخزينة وغيرها)، ومع هذا التحول فلم تعد تطبق إجراءات الرقابة التقليدية بل تم تصميم لتبادل البيانات والمعلومات آلياً أشد صرامة من الإجراءات التقليدية المتمثلة في التأكد من صحة المستندات ومراقبة عملية الوصول إلى هذه البيانات.

        وقد جاء هذا بفرض أنه طالما أن مثل هذه المعاملات ليست نقدية لذلك فلن تنطوي على مخاطر كبيرة وهو الأمر الصحيح من الناحية الفنية إلاّ أننا لا نستطيع أن نغفل أن نتاج مثل هذه المعاملات في نهاية الأمر هي مدفوعات " نقدية " ولذلك فإن هذه الأنظمة الحديثة سوف تنطوي أيضاً على مخاطر متعاقبة سواء من أطراف ثالثة أو الموظفين سواء كانوا لدى العميل أو المستفيد من الخدمة أو المنتج المقدم لها.

      • 6-1-2 عمليات التجزئة الآلية

        تتجه معظم البنوك التجارية حالياً إلى توسيع نطاق خدماتها حيث بدأت في إختراق خدمات الأفراد وإضافة خدمات جديدة إليها مثل دفع فواتير التليفونات والمعاملات المصرفية من المنازل واستخدام أحدث أنواع التليفونات التي تجمع بين أنواع التليفونات التقليدية والحاسبات الآلية وهذا ما رفع من مستوى الخدمات التي تقدمها لعملائها كما أنها اعتبرت مصدراً رئيسياً لزيادة الإيرادات.

        ومع هذا كله فقد ساهمت مثل هذه الخدمات الإلكترونية والآلية الجديدة في تعرض البنوك إلى مخاطر عمليات أخرى سواء من جانب أطراف ثالثة أو الموظفين العاملين بها كما أنها أصبحت عرضة إلى أن تفقد التزامها المسئولية القانونية المهنية ومصداقيتها نحو عملائها. ومستقبلاً سيصبح هذا الأمر بالنسبة للبنوك مجالاً للتعرض للمخاطر الكبيرة المتزايدة والاستخدام المتزايد للخدمات الهاتفية التي تسمح بالوصول كمبيوترياً إلى نظم البنوك مما يتيح أيضاً فرصاً متزايدة لحدوث عمليات الاحتيال. ويتطلب هذا إحداث تحسينات في الإجراءات الأمنية وإدخال وسائل إضافية لإدارة المخاطر بغرض تقيل الخسائر إلى أقصى حد ممكن.

    • 2-2 المخاطر المهنية

      أصبح تعرض أي منشأة أو بنك إلى المخاطر المرتبطة بنقص مخصصات الخدمات والمنتجات المالية من أكبر أشكال مخاطر العمليات وأكثرها شيوعاً على مستوى العالم داخل القطاع المصرفي والمالي.

      • 1-2-2 الإهمال والأخطاء المهنية

        تتعرض معظم البنوك العالمية إلى خسائر العمليات والتي تنجم عن الأخطاء المهنية وتقصير العاملين بها في مهام وظائفهم وتشتمل على تلك الخسائر الناتجة من أخطاء وإهمال العاملين كقيامهم بتنفيذ عمليات تجارية أو مالية غير معتمدة أو تحويل مبالغ كبيرة إلى حسابات خطأ والخطأ في تسجيل معاملات الأوراق المالية وغيرها.

        وفي حالة حدوث مثل هذه الأخطاء في دفاتر وحسابات البنك ذاته فإن الخسائر الناجمة عنها سوف يصعب مواجهتها والتحكم بها عن طريق التأمين. ومن هنا تظهر أهمية وضع إجراءات رقابية تقليدية عليها والتي تتمثل في وضع إجراءات رقابة داخلية مشددة، وإعداد برامج لضمان جودة العمل، ووضع برامج تدريب مكثفة للعاملين بالبنك وتعيين إدارة أكثر فاعلية وكفاءة (تدعيم فاعلية الإدارة).

      • 2-2-2 المخاطر المرتبطة بالمسئولية القانونية

        ومن جانب آخر، فإنه يمكن التأمين ضد المخاطر المترتبة نتيجة أخطاء وإهمال العاملين بالبنك والتي قد تسبب خسارة العملاء. ولتخمين وتقدير هذه المخاطر فإنه يجب فهم الفرق بين المخاطر المهنية التي قد تؤثر على مجلس الإدارة وتلك التي قد تؤثر على البنك ذاته.

        المسئولية القانونية لأعضاء مجلس الإدارة والمديرين : يعتبر إلتزام مجلس إدارة البنوك ومديريها (تنفيذيين وغير تنفيذيين) بمبادئ المهنة من أصعب وأعقد المشاكل التي تواجه أي بنك حيث أن الأصول العائدة للبنك أو مجلس إدارته ومديريه قد تتعرض لمخاطر كبيرة تنجم عن التقصير والإهمال من جانبهم أو قيامهم بأفعال غير مسئولة.

        ولتغطية مثل هذه الخسائر مالياً يجب على مجلس الإدارة والمديرين دفع مبالغ تأمين إلى البنك الذي يتحمل مسئولية التأمين على مجلس إدارته ومديريه ضد هذه المخاطر. علاوة على ذلك فإن بوالص التأمين هذه تكفل لمجلس الإدارة والمديرين حق استرداد المبالغ التي دفعوها مقابل التأمين عليهم ضد مخاطر معينة ولم يتمكن البنك من هذا لظروف أو أسباب مالية أو تنظيمية أو قانونية.

        التأمين ضد الأخطار المهنية : يقوم البنك بتكوين هذه التغطية المالية لتأمين نفسه ضد الأخطار الناجمة عن أي منازعات أو قضايا مع عملائه، أو عن أي أخطاء أو إهمال أو تقصير من جانب الأطراف الثالثة، وضد الإنحرافات والأخطار التي تحدث نتيجة أعمال مجلس الإدارة والمديرين والموظفين غير المسئولة عند تقديم خدماتهم لعملاء البنك.

        وتتشابه التغطية التأمينية لهذين الأمرين في بعض الأمور فنجد أنه على الرغم من أن التغطية التأمينية الخاصة بمجلس الإدارة والمديرين أضيق نطاقاً بمعنى أنها تغطي شخصيات فردية إلاّ أنها أوسع وأكبر نطاقاً في حجم الأفعال والأخطار التي تغطيها. وعلى الجانب الآخر نجد أن التغطية التأمينية للإلتزامات المهنية تغطي فقط الخدمات التي يقدمها البنك لعملائها مثل الإئتمانات ، أعمال السمسرة ، الاستشارات في مجال الاستثمارات وغيرها. وتستثنى مثل هذه الخدمات من التغطية التأمينية لمجلس إدارة ومديري البنك.

        ينشأ مفهوم المسئولية القانونية المهنية نتيجة إقامة علاقة معينة بين مجموعة من الأطراف تشمل العملاء وواضعي النظم واللوائح، المساهمين، الموظفين، البائعين والبنوك يحكمها أساس ونظام قانوني معين يقوم البنك بتقديم خدماته في إطاره.

        هذا بالإضافة إلى أنه قد ينشأ عن نفس الخدمة التي يقدمها البنك أكثر من إلتزام إما على البنك نفسه أو على مجلس إدارته حيث يمكن أن تنشأ الكثير من الإلتزامات على البنك نتيجة أعمال مثل إهمال أو تقصير أو سوء تصرف موظفي البنك، الاستثمار المحظور في محفظة العملاء، الأخطاء في معاملات الأوراق المالية، والإخفاق في الوفاء بالالتزامات التعاقدية مع العملاء.

        ومع هذا ، فيمكن أن يشمل هذا النظام القانوني وجود نظم وقواعد تحكم الأعمال الأخرى التي قد ينشأ نتيجتها إلتزام على البنك مثل تقصير مجلس إدارة البنك، سوء الإدارة، عدم الإلتزام بالنظم والقوانين، عمليات الإختلاس، والقروض المشكوك في تحصيلها والتي قد ينشأ عنها آثار جوهرية تؤثر على أسعار الأسهم وفي هذه الحالة قد يتحمل مجلس إدارة البنك مسئولية الوفاء ببعض هذه الإلتزامات سواء فردياً أو تضامنياً.

         

        وتنشأ الإلتزامات المهنية من عدة مصادر مختلفة تتمثل في :

        دعاوي المساهمين : تعتبر الدعاوي التي يرفعها المساهمين من أكبر المصادر التي يمكن أن تنشأ عنها بعض الإلتزامات القانونية والمهنية حيث قد تتخذ من قبلهم بعض الإجراءات إما ضد إدارة البنك نفسه أو مديريه أو العاملين به وذلك نتيجة التقصير والإهمال في الأعمال الموكلة لهم.

        الخدمات المقدمة للعملاء : وهي من أكبر المجالات التي تؤدي إلى مخاطر قد تؤثر على الإلتزام المهني من جانب البنك بمعنى أنه قد ينشأ عن بعض المعاملات التي تتم بين العملاء والبنك مثل خدمة حفظ الأموال وعمليات البيع والشراء والخدمات الاستشارية في مجال الاستثمار، بعض المخاطر التي تؤثر على مبادىء المهنة وتفرض بعض الإلتزامات المهنية والقانونية على مجلس الإدارة ومديري البنك أو على البنك نفسه.

        ممارسات موظفي البنك : وتعتبر ثاني أكبر المجالات التي تنطوي على مخاطر قد تؤدي إلى فرض بعض الإلتزامات على مجلس الإدارة ومديري أي بنك وتستحق لصالح موظفي البنك نتيجة إجراء بعض التغيرات والتعديلات على نشاط البنك ومعاملاته كعمليات الإندماج والشراء، تطبيق وسائل وأساليب تكنولوجية حديثة، وتقليص النشاط والعمليات الإدارية مثل تعيين أو ترقية أو نقل أو إنهاء خدمة العاملين بالبنك.

        الإلتزمات البيئية : يرتبط نمو الالتزمات البيئية بصورة كبيرة مع الإتجاه نحو فرض إلتزامات شخصية على مجلس إدارة ومديري أي بنك والذين يخضعون عند تنفيذ مهام وظائفهم لبعض العقوبات المدنية والجنائية نتيجة انتهاك ومخالفة القوانين البيئية.

        مطالبات التزامات المقترضين : تضع مثل هذه الالتزامات مديري البنك ومجلس إدارته في موقف المدعي عليه منذ الوهلة الأولى أو في موقف المدعي في حالة تحمل البنك كافة المسئوليات القانونية التي تشمل الوفاء بالالتزامات التعاقدية المبرمة مع البنك، الالتزام بجودة المنتج أو الخدمة المقدمة، الالتزام بعدم حدوث أي ضرر شخصي أو في الممتلكات ، أو أي عمليات احتيال أو اختلاس أو عدم رضاء العميل عن جودة الخدمات المقدمة.

        ففي المفاوضات الأولية مع المقترض قد يحتفظ البنك بحقه في إلغاء أي إلتزام بينه وبين المقترض والذي بموجبه يمنح القرض أو في تغيير أي شرط من شروط العقد أو تشجيع المقترض على أخذ القرض بصورة إحتيالية . وبمجرد منح القرض تفرض إلتزامات قانونية جديدة في حالة رفض البنك منح المقترضين مبالغ كدفعة مقدمة أو رفضه إعادة جدولة الدين أو التهديد بإلغاء بعض شروط العقد وعدم الإلتزام بالمتطلبات الإئتمانية أو وضع إجراءات رهن فيما بعد. وتزداد العلاقة سوءاً بين البنك والمقترض إذا أصبح القرض من الديون المشكوك في تحصيلها مما يزيد من الإلتزامات على البنك. ويمكن أن يواجه المقترضين عدد من المخاطر الكبيرة المتمثلة في إنهاء المفاوضات وتصفية الضمانات والسيطرة على إدارة أعمال المقترض.

        ومع زيادة حدة المنافسة بين الأنشطة المختلفة على مستوى العالم، فمن المتوقع أن يصبح مجال الاقتراض داخل وخارج المملكة العربية السعودية أكثر تعقيداً من ذي قبل وهو ما سوف يؤدي حتماً إلى ظهور مخاطر أكثر متعلقة بالالتزامات على المقترضين. وطالما أن هذه المخاطر تتأثر بشكل كبير بالبيئة الاجتماعية والقانونية والاقتصادية فمن الضروري أن يتم تناولها ليس فقط في إطار العمليات والأنشطة داخل المملكة العربية السعودية ولكن أيضاً خارجها على النحو التالي:

        داخل المملكة العربية السعودية :

        طبقاً لنظام الشركات السعودي (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 لسنة 1385 )* — المواد من 66 إلى 82 — فإن أعضاء مجلس الإدارة مسئولية مشتركة عن تعويض الشركة أو المساهمين أو أي أطراف أخرى عن أي أضرار قد تحدث نتيجة سوء إدارة الشركة أو انتهاك لنصوص نظام الشركات.

        ويبدو هذا مختلفاً اختلافاً بسيطاً عن أحكام قانون الشركات الخاص بالوحدة الأوربية المقترحة وغيرها من الدول الأوربية الأخرى، ولذك فإن قانون الشركات السعودي يختلف من حيث الالتزامات القانونية المفروضة على مجلس إدارة ومديري الشركات، والمخاطر الجوهرية التي تهدد الالتزامات المهنية وخاصة الالتزامات التي فرضت حالياً على البنوك التي تعمل داخل المملكة العربية السعودية.

        خارج المملكة العربية السعودية :

        تعتبر مخاطر المسئولية القانونية المفروضة على الأطراف الثالثة من العاملين خارج المملكة أكثر صرامة من تلك المفروضة داخل المملكة حيث يخضع أي بنك سعودي يعمل في دولة أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو إنجلترا أو غرب أوربا للقوانين والظروف السياسية والاجتماعية والقوانين الاقتصادية المطبقة في هذه الدول. لذا فهو أكثر تعرضاً لمواجهة مشاكل قانونية في حالة انتهاك هذه القوانين أو سوء الإدارة فيما يتعلق بأنشطة البنك في هذه الدولة.

        وقد تفرض بعض المخاطر الأخرى على البنوك السعودية من جراء أعمال يقوم بها مدرائها الذين يعملون في مجالس إدارات مؤسسات غير سعودية كالشركات المساهمة وغيرها من المؤسسات الأخرى التي تساهم بها البنوك السعودية، ففي الوقت الحالي أصبح الكثير من هؤلاء المديرين العاملين خارج البنك مهددين باحتمالات فرض بعض الالتزامات عليهم والمثول أمام القضاء مع غيرهم من أعضاء مجلس الإدارة وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً في الماضي حيث لم تكن لديهم أية علاقة بمعاملات وشئون البنك اليومية على خلاف ما يحدث حالياً حيث يجب أن يكون المديرين العاملين بالخارج على دراية وخبرة كافية بكافة القضايا والأمور المتعلقة بالبنوك وعلى استعداد دائم ومستمر للمثول أمام القضاء والمحاكم للرد على أي اتهام.

        ولهذا فقد أصبحت المسئولية القانونية المهنية مصدراً رئيسياً لمخاطر العمليات، ومن هنا فقد أصبح من الضروري أن تضع البنوك السعودية سياسات وإجراءات كفيلة بتحديد المخاطر التي تنجم عن الخدمات التي تقدمها لعملائها ومن شأنها مواجهة وخفض تلك المخاطر.


        * أُلغي نظام الشركات السعودي (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 لسنة 1385 ), وحلّ محله نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132), وتاريخ 1443/12/01هـ.

      • 3-2-2 المخاطر الطارئة المتعلقة بالعملاء

        إن من أكثر المجالات التي تنطوي على مخاطر العمليات هي تلك التي تتعلق بالالتزامات الطارئة الخاصة بعملاء البنك والتي ترتبط بصورة مباشرة بعمليات ونشاط العميل، فمن الممكن أن يواجهه العميل بعض الصعوبات التي تؤدي إلى إفلاسه وفي هذه الحالة لن يجد الدائنون بد من البحث عن أي طرف تربطه علاقة بالعميل في محاولة للحصول على الأموال الكافية لتأمين مركزه المالي ولسوء الحظ فعادة مايكون هذا الطرف هو البنك. وتنشأ تلك الالتزامات الطارئة من عدد من المواقف التي تشمل:

        الالتزامات البيئية : يمكن أن تتحمل البنوك بعض الالتزامات البيئية في حالة ما تسببت في أي خسائر بيئية أو مخلفات (مثل تسرب البترول من إحدى الناقلات كان البنك أحد مقرضيها) ويتطور نطاق هذا النوع من الالتزامات دولياً بمعدل هائل في الوقت الذي تسعى فيه معظم الدول إلى سن القوانين والنظم لحماية البيئة.

        الالتزامات الخاصة بالخدمات المقدمة للعملاء : ويظهر هذا النوع من الالتزامات في حالة ما إذا قام عميل ما بمقاضاة أحد البنوك التي تمتلك بعض الأسهم في شركته نتيجة الإهمال والتقصير في الخدمات التي يقدمها البنك (القضايا المرفوعة ضد أحد مصنعي الأدوية) .

        الوفاة والإصابات الجسمانية : ويظهر هذا الالتزام في حالة ما إذا قام البنك بتأجير الأصول المملوكة له أو إدارتها عن طريق آخرين أو في حالة إعادة امتلاك أي أصل من أصوله.

        لهذا ، فمع تلك الإجراءات الصارمة التي تتخذ من سن لقوانين حماية البيئة وغيرها من القوانين الأخرى الخاصة بتحديد طبيعة وجودة الخدمات التي تقدم للعملاء، فإن ذلك سيزيد من احتمالات تعرض كافة البنوك السعودية هذا النوع من مخاطر العمليات في داخل أو خارج المملكة العربية السعودية على حد سواء.

    • 3-2 مخاطر أخرى

      • 1-3-2 المسئولية القانونية والتنظيمية

        إزدادت في الآونة الأخيرة القوانين واللوائح والأنظمة البنكية تعقيداً على المستوى العالمي وأصبح تطبيقها مكلفاً من الناحية المادية والزمنية، وفي نفس الوقت تؤدي عواقب عدم إتباعها إلى مشاكل (مالية، قانونية ومشاكل متعلقة بسمعة البنك). علاوة على ذلك، تطبق بعض الدول القوانين الجنائية على المجالات التي لم تكن تطبق عليها مثل الاستثمار وإدارة الأموال. تتضمن هذه المسئوليات ثلاثة عوامل كالآتي:

        الغرامات المالية : تتعرض البنوك التي تخالف تعليمات وتعاميم البنك المركزي إلى غرامات مالية كبيرة. والبنوك السعودية العاملة خارج المملكة العربية السعودية عرضة أيضاً ليس لدفع غرامات مالية تفرضها عليها المؤسسات الرقابية فقط، بل للإدانة المدنية أو الجنائية والتي يمكن أن تتضمن غرامات مالية فادحة قد تؤثر بدورها على ميزانية البنك.

        فرض القيود على البنوك أو إيقافها : تتعرض البنوك السعودية المخالفة للوائح والتعليمات التي يصدرها البنك المركزي السعودي إلى توجيه اللوم وفي بعض الحالات القصوى تفرض بعض القيود على أنشطة البنك أو يتم إلغاء الامتيازات التي تتمتع بها في المملكة العربية السعودية. إن هذه المخاطر أكثر جسامة للبنوك السعودية العاملة في خارج المملكة، فحتى المخالفات الفنية البسيطة للأنظمة الرقابية قد تدعوا إلى إغلاق فروع رئيسية للبنك خارج المملكة.


        المخاطرة بسمعة البنك : تمارس جميع البنوك عملها على أساس من الثقة، لذا يمكن أن تنهار سمعة البنك نتيجة لانعدام ثقة العملاء والمساهمين عند انتهاكه ومخالفته اللوائح والنظم القانونية فقد يكون لدى البنوك القدرة على تحمل أي غرامات مالية أو عقوبات قانونية أخرى إلاّ أنها قد تجد صعوبة في استعادة ثقة العميل والمستثمر فيها. ولذلك فإن إتباع البنوك لسياسات ذات فاعلية عالية أصبح من الأمور الهامة والضرورية للغاية لمراقبة مخاطر العمليات التي تنتج عن عدم الالتزام بالقوانين والقواعد التنظيمية.

      • 2.3.2 المخاطر السياسية

        تتعرض جميع البنوك التي تعمل بمنطقة الخليج لبعض المخاطر السياسية المعروفة نظراً لموقعها الجغرافي. ومن ناحية أخرى ، فإن هذه المخاطر ليست بالتأكيد أكثر خطورة من تلك التي تواجهها البنوك في الدول الأخرى. والأكثر خطورة في هذا الشأن هي اللوائح الأمنية والمصرفية التي تفرض قيوداً جديدة وعديدة على البنوك السعودية المنشأة في دول أخرى، مقارنة باللوائح المصرفية المطبقة في المملكة العربية السعودية. لذا يجب وضع هذه القيود في الاعتبار عند التعامل مع الدول الأخرى.


        تتعرض البنوك المنشأة في جميع دول العالم لحالة من الذبذبة السياسية نتيجة للتغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها الدول الصناعية والعالم المتقدم. لذا فلابد أن تقوم البنوك السعودية العاملة خارج المملكة أو التي تمارس نشاط التجارة الخارجية بوضع نظم ولوائح لإدارة مخاطر العمليات وفقاً للوائح التنظيمية والسياسات المتحكمة في هذا النشاط. ويجب أن تتضمن هذه النظم وسائل ومؤشرات تحذيرية واستراتيجيات وخطط عمل بديلة لمنع أو الحد من الخسارة التي يمكن أن يتعرض لها البنك.